لم يكن مقدرًا للبشرية مناقشة موضوع قارة اطلنتس لولا الكتابات التي وردت عن الفيلسوف الإغريقي القدير "أفلاطون" في عام360 قبل الميلاد؛ إذ أورد هذا الفيلسوف أخبارًا وروايات عن دمار قارة في العالم القديم تُدعى بأطلنتس، وقال بأنها كانت مزدهرة وذات مكانة في البحار، بل إنه وصف مؤسسها بأنه كان مولودًا كنصف انسان ونصف إله! وجاء كذلك على وصف المدينة وجزرها والقناة الموجودة فيها والمعادن النفسية التي تكثر لدى سكانها وحتى الحياة البرية عليها، لكن حاليًا لم لا يوجد سوى قلة قليلة من العلماء الذين يأخذون رواية أفلاطون على محمل الجد، كما لا يوجد أي أحد من العلماء الذين حصلوا على جائزة نوبل قد أكد على صحة ما ورد على لسان أفلاطون.
على الرغم من عدم اقتناع أغلبية العلماء بأن أطلنتس هي حقيقة، إلا أن هنالك نظريات كثيرة حاولت التوفيق بين رواية أفلاطون وبين الحقائق الواقعية الموجودة حاليًا، ومنها:
- نظرية أن تكون أطلنتس موجودة في وسط المحيط الأطلسي: ورد في كتاب نشر لكاتب يُدعى إغناطيوس دونيلي في القرن التاسع عشر فرضية أن يكون هنالك قارة غارقة في وسط المحيط الأطلسي كما وصفها أفلاطون، لكن النظريات الحديثة المتعلقة بتكون المحيط الأطلسي لم تؤيد هذه النظرية بتاتًا.
- نظرية ابتلاع مثلث برمودا لأطلنتس: حاول مفكرون آخرون توسعة فرضية إغناطيوس عن وجود أطلنتس في وسط المحيط الأطلسي والقول بأن هذه القارة كانت ضحية أخرى من ضحايا مثلث الرعب المعروف بمثلث برمودا، وبات بعض مؤيدي هذه النظرية يستشهدون بالأجسام الشبيهة بالجدران والشوارع التي وجدها علماء الآثار بالقرب من شاطئ بيميني الذي يتبع جزيرة الباهما بالقرب من مثلث الرعب، لكن العلماء قالوا بأن هذه الأجسام هي تشكلات طبيعية وليس من صنع البشر!
- نظرية أن تكون أطلنتس هي القارة القطبية الجنوبية: جاءت هذه النظرية على لسان الكاتب تشارلز هابجود، الذي ألف كتابًا قام ألبرت أينشتاين بكتابة مقدمة خاصة له في عام 1958، وقد ادعى هابجود أن قشرة الأرض قد انزاحت منذ 12 ألف سنة، وهذا أدى إلى انزياح أطلنتس لتصبح القارة القطبية الجنوبية، لكن هذه النظرية عارضها العلم الحديث الذي توصل إلى فهم أفضل للصفائح التكتونية للأرض.
- نظرية أن تكون أطلنتس رواية اسطورية لفيضان البحر الأسود: تتحدث هذه النظرية عن كون أطلنتس قارة خيالية بالكامل، لكن قصتها قد جاءت انعكاسًا لحادثة تاريخية حصلت في الحقيقة، تحديدًا في مضيق البوسفور الذي يصل البحر الأسود مع البحر الأبيض المتوسط؛ إذ حصل فيضان في عام 5600 قبل الميلاد في تلك المنطقة وادى ذلك إلى وصل البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط، وكانت هنالك بالفعل حضارة موجودة على ضفاف البحر الأسود في ذلك الحين، وكانت حضارة متقدمة بمقاييس ذلك الزمان، ويُقال بأن سكان هذه الحضارة قد تفرقوا بالأرض بعد ذلك وحاولوا نشر خبر غرق حضارتهم بفعل الفيضان.
- نظرية أن تكون أطلنتس هي الحضارة المينوسية: بزغت الحضارة المينوسية في الجزر اليونانية قبل 4000 من ميلاد المسيح، تحديدًا فوق جزر كريت وجزيرة ثيرا، وقد وصفها المؤرخون بأنها أول حضارة أوربية عظيمة على الإطلاق؛ وذلك لتمكن المينوسيين من بناء قصور ضخمة وطرق معبدة واستخدام لغة مكتوبة أيضًا، لكن ولسبب مجهول، فإنهم اختفوا من مسيرة التاريخ فجأة قبل 1600 من ميلاد المسيح، وهذا جعل البعض يفترض بأن الحضارة المينوسية هي أطلنتس التي ذكرها أفلاطون.
- نظرية أن تكون أطلنتس هي الجزر الإندونيسية: على الرغم من غرابة هذا الأمر، إلا أن هنالك مجموعة من المتحمسين في إندونيسيا الذين يدعون بان حضارة أطلنتس كانت ضمن الحضارات التي قطنت الجزر الإندونيسية في الماضي السحيق، ولقد بنوا هذا الاعتقاد على مجموعة من الآثار والسيوف والأساطير التي تحدثت عن وجود حضارة لديهم مشابهة لما ذكره أفلاطون! لكن الحكومة الإندونيسية رفضت الإقرار بهذا الادعاء وتوالت الردود المعارضة من أوساط المجتمع العلمي، وهنالك من وصف الأمر بانه "علم كاذب".