هي الحضارة الإسلامية التي قامت على أرض البرتغال وإسبانيا وفرنسا الآن، وهي ما عُرفت قديما باسم شبه جزيرة ايبيريا، وتقع في أوروبا الغربية. وقد بدأت الحضارة الإسلامية في الأندلس بعد قيام المسلمون بفتحها في العصر الأموي بقيادة طارق بن زياد سنة 711م، 92 هـ، وقد كانت في بدايتها تابعة للدولة الأموية، لكن بعد سقوط الخلافة الأموية وقيام العباسيون بالحكم بدلا منهم انفصلت الأندلس عن الدولة الأموية. وقد أسس المسلمون حضارة قوية في الأندلس، ونقلوا اليها تراث حضارتهم، من أدب وفنون معمارية، وطابع إسلامي متميز.
لقد تميزت الحضارة الأندلسية بكثرة عدد سكانها وتنوعهم، فعاش العرب والأمازيع، والصقالبة، والمستعربون، والمودلون، واليهود في هذه الدولة، ونوجز الحديث عنهم بالآتي:
1.العرب: هم العرب من أصل قيس وكليب، وقد وفدوا مع طارق بن زياد لفتح الأندلس ثم استقروا فيها، وقد توالت الهجرات، فكان منهم عرب الشام، وكان منهم القحطانيون اليمنيون.
2. الأمازيغ: وهم السكان الذين يعيشون في منطقة شبه جزيرة إيبيريا قبل مجيء الحضارة الإسلامية، وبقوا بعد مجيئها في الأندلس، وقد عاشوا مع العرب، فمنهم من يتحدث العربية ومنهم من يتحدث اللغة البربرية.
3. المستعربون: هم النصارى الذين بقوا في الأندلس بعد فتحها، وقد كانوا يتقنون اللغة العربية، ويجيدون الشعر، وقد حظوا باهتمام العباسيين بعد أن كانوا مملوكين قبل مجيء الخلافة الإسلامية.
4. اليهود: وهم اليهود الذين جاؤوا مع الفينيقيين في بداية القرن العاشر قبل الميلاد، وقد جاء عدد كبير بعد ذلك، وهذا بسبب تسامح الأندلسيين معهم، فقد كان هذا سببا جاذبا لهم، وقد اتقنوا فنون العربية والشعر والنثر.
أغلب سكان الأندلس يدينون بالديانة الإسلامية، وبعضهم يدين باليهودية، والبعض الآخر بالمسيحية، وهناك أقلية تدين بالوثنية. وسبب تعدد الأديان فيها، هو اتساعها ومكانها المرموق، وتسامح الإسلام والتعايش فيه، والاستقرار السياسي والاجتماعي، مما جعلها مكانا مناسبا للعيش بسلام وبراحة، خاصة وأن الدول الأخرى لم تكن تحظى بمثل هذا السلام الذي حظيت به الدولة الأندلسية. ونتيجة للحضارة الإسلامية فقد انتشرت الفنون المعمارية، والملامح الفنية لهذه الحضارة، وكان من ضمنها المساجد والكنائس، وهي ملمح ديني رئيسي.
تنوع النشاط الاقتصادي في الأندلس، فكان هناك الزراعة، وكان هناك الصناعة والتعدين، وهذا يظهر تطورات كبيرة وذلك لأن الأندلس كانت قبل ذلك تعتمد على الزراعة في المقام الأول. إن قيام الدولة بتشجيع الصناعة والتجارة كان الدافع الأول لزيادة النشاط الاقتصادي، وقد كان هناك أسواق تباع فيها مختلف الصناعات، من صناعات يدوية ومنسوجات ومختلف الصناعات الأخرى. وقد توافد عدد كبير من الأيدي العاملة إلى الأندلس، واجتماع كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع الدخل المادي للدولة وللأفراد.
تعددت الفنون في العصر العباسي، فكان منها فنونا أدبية كالشعر والنثر، وكان منها فنونا معمارية كالزخرفة، والبناء، بالإضافة إلى المجون والغناء. فالفنون الأدبية لم تتطور في بادئ الأمر كثيرا، بل اقتصرت على ما كان معروفا عند العرب من شعر ونثر عربي أصيل، ولكن حياة الغناء أثرت في الأدب وجعلته أكثر حسا وعاطفة، فظهرت الفنون الجديدة، كالموشحات. أما فن العمارة والزخرفة فقد أنشأ العرب الكثير من المساجد والقصور وأبرزها مسجد قرطبة وقصر الحمراء وتظهر فيهما الملامح الإسلامية ظهورا جليا.
سقطت الأندلس عام 1492 م، بعد أن دام حكم المسلمين لها 871 سنة، وكانت أهم أسباب سقوطها:
1. ضعف الدولة الأندلسية، وذلك بسبب انشغال حكامها بالغناء والمجون والرفاهية، فانشغلوا عن الدين وانشغلوا عن الدولة.
2.البعد عن الدين الإسلامي، وعدم التمسك به.
3.النزاعات بين ملوك الطوائف في نهاية الحكم الأندلسي، مما تسبب في ضعف الاستقرار فيها.
4. انعدام وتراجع النصح والدعوة إلى العودة للدين من العلماء والصالحين.