قد يخطر ببالك مناظر وصور الأهرامات والمعابد الفرعونية عن ذكر الحضارة المصرية القديمة، لكن الحقيقة أن هنالك فترة غامضة قد مرت على مصر قبل أن تنشأ الحضارة المصرية على ضفاف النيل وقبل أن يظهر الفراعنة والكتابات الفرعونية أيضًا، وهذا يعني تحديدًا الوقت الممتد قبل عام 3200 سنة قبل الميلاد. ولقد بدأ الكثير من المؤرخين والباحثين بالاهتمام بهذه الفترات القديمة للكشف أكثر عن أصل الحضارة الفرعونية ونبذ الأفكار الغريبة التي تتحدث عن وجود حضارات كونية وفضائية في مصر القديمة قد بنت الاهرامات وأسست الحضارة كما يدعي الكثير من مناصري نظريات الفضائيين القدامى.
تشير الأدلة الأثرية القديمة التي حصل عليها علماء الآثار إلى وجود علامات لاستقرار ومعيشة بعض البشر في المناطق المصرية قبل 700 ألف سنة! وتتركز هذه الأدلة في منطقة النوبة القديمة أو وادي حلفا، الذي يقع حاليًا في السودان. وغالبًا ما كان هؤلاء الناس يعيشون على الصيد والترحال، وكانوا يبنون بيوتهم من جلود الحيوانات وبطريقة شبيهة بالخيام. ولقد وجد أحد علماء الآثار البولنديين أدلة تؤيد وجود هذه الجماعات من الناس في السنوات المتأخرة من العصر الحجري.
لكن يبقى تحول سكان مصر من العصر الحجري المتأخر (الصيد) إلى العصر الحجري الحديث (الزراعة) أمرًا غامضًا بعض الشيء. وعلى أية حال، أكد العلماء على ازدهار حضارة في الفيوم وكان الناس فيها يعتمدون على بحيرة كبيرة للصيد والزراعة بجانبها، كما وجد الباحثون قطع من الخزف ضمن آثار تلك المناطق.
نشأت ثقافة جديدة من الفيوم تدعى بالمرمدة خلال ال4000-5000 قبل الميلاد. ولقد وجد الباحثون أجرار وجدران ترجع إلى تلك الحقبة الزمنية. ومن المحتمل أن تكون هنالك ثقافة أخرى جاءت بعد المرمدة تُدعى بالعموري في سنة 4000 قبل الميلاد، فضلًا عن ثقافات مجاورة أخرى منها ما يُعرف بثقافة دير تاسا وثقافة المعادي، لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن جميع هذه الثقافات قد نشأت في الجزء السفلي من الأراضي المصرية، وليس في الجزء العلوي منها. وعلى أية حال، غالبًا ما ترجع ثقافة هذا الجزء من مصر إلى ثقافة تُدعى بالبداري، التي انبثقت عن ثقافة دير تاسا في الأعوام بين 4500-4000 قبل الميلاد. ولقد جاءت الثقافة أو الحقبة العمرانية، التي بنى سكانها بيوتًا لها نوافذ وجدران، وطوروا صناعة السيراميك والنحت أيضًا. ثم وبدئًا من عام 3500 قبل الميلاد بدأت طقوس التحنيط بالظهور تدريجيًا، ثم جاءت بعد ذلك الثقافة الجيرزية بين عامي 3500 و3200 قبل الميلاد. ولقد ابدعت هذه الثقافة في التجارة وبدأت مراسم الدفن بالظهور أكثر في مدينة أبيدوس، التي أصبحت بعد ذلك مدفن ملوك مصر، ثم تدريجيًا ظهرت الكتابات الهيروغليفية لأول مرة بين عامي 3400-3200 قبل الميلاد في مدينة أبيدوس وبدأت السلالات المصرية بالتقادم بعد ذلك.
يُمكن إيجاز تاريخ توارد الحصارات والثقافات قبل الفراعنة على النحو الآتي:
- العصر الحجري القديم السفلي أو المتأخر الذي امتد من 300.000 و90.000 سنة قبل الميلاد.
-العصر الحجري الحديث الذي يمتد من سنة 7000-4500 سنة قبل الميلاد، وظهرت فيه المرمدة في بني سلامة في الدلتا المصرية.
-حقبة فترة البداريان من سنة 4500-3800 قبل الميلاد، التي تركز فيها النشاط البشري في مرمدة بني سلامة أيضًا.
-الحقبة العمرانية أو النقادة الأولى التي ظهرت بين 3800-3650 قبل الميلاد تقريبًا.
-حقبة الجيرزية أو النقادة الثانية التي ظهرت بين 3650-3300 سنة قبل الميلاد.
-حقبة النقادة الثالثة، التي ظهرت بين 3300-3100 سنة قبل الميلاد.
-حقبة المملكة القديمة بين عامي 2649-2150 قبل الميلاد، التي جرى خلالها بناء أهرامات الجيزة وحصلت خلالها نقلة نوعية في الثقافة المصرية.