الشاعر الوطني محمود درويش

الشاعر الوطني محمود درويش 

كثُر الشعراء في العصر الحديث، وتعددت أشعارهم وأغراضهم في كتابة الشعر، لكن قلّ أن نجد شاعرا تربع على عرش الشعر الحديث كمحمود درويش، فهو شاعر الرمز، وشاعر القومية، وشاعر الثورة، وشاعر الوطن. 

فمن هو محمود درويش؟ 

التعريف بالشاعر محمود درويش:

هو شاعرٌ فلسطيني ولد عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع قرب ساحل عكا، حيث كانت أسرته تملك أرضًا هناك، خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 إلى لبنان، ثم عادت متسللة عام 1949 بعد توقيع اتفاقيات الهدنة، لتجد القرية مهدمة وقد أقيم على أراضيها قرية زراعية إسرائيلية فعاش مع عائلته في القرية الجديدة.

كيف دخل محمود درويش إلى عالم الشعر؟

كان محمود درويش أثناء مرحلته التّعليميّة المدرسيّة مُتفوّقاً في دراسته، وكانت بوادر اهتمامه في الأدب العربيّ واضحة في تلك الفترة؛ فكان يُكثر من المُطالعة في الأدب، ويحاول كتابة الشِّعر.

ومن الجدير بالذِّكر أنّه قد اعتنى بالرّسم كموهبة كان يمتلكها في ذلك الحين، إلّا أنّه توقّف عن مُمارستها لما تحمله من نفقات ماديّة لا يستطيعها والده، أمّا دفاتر الكتابة التي يملكها فكان يحصل عليها بصعوبة، فكيف بتكاليف أدوات الرّسم؟

ومع أنّ ذلك أحزنه إلّا أنّه انتقل للشِّعر كجانب آخر يُعوّضه عن الرّسم الذي كان يُحبّه، فالشِّعر لا يحتاج ما يحتاجه الرّسم من النّفقات، وهكذا كانت أولى تجارب درويش في كتابة الشِّعر، من خلال سرده عواطف الطفولة ومشاعرها، بالإضافة إلى محاولاته في الكتابة عن أمور أكبر من طاقته كطفل.

ومن الجدير بالذكر أن كتابته للشعر في مرحلة الطفولة تدل على موهبته المتأصلة فيه منذ الطفولة، فيندر أن نجد طفلا صغيرا يكتب الشعر، إذ أنه يحتاج الى موهبة كبيرة قبل أي شيء آخر.

ما هي سمات شعر محمود درويش؟

1.تتميز أشعار درويش باعتمادها على الرمز،

تتميّز قصائد محمود درويش باحتوائها على الدّلالات الكثيفة والمُبهمة التي لا يستطيع القارئ فهم المعنى المُراد منها سريعاً إلّا بعد التّمحيص والتفكير في المعنى، ثمّ التّفاعل مع أشعاره تفاعلاً جيّداً يُفضي إلى الدّخول إلى تفاصيل حياته، والخوض في الأحداث المُترابطة التي يُعبّر عنها في شِعره، ثمّ الوُقوف على البُنية الخارجيّة له تحت مظلّة "المعنى والمبنى"، ثمّ "المعنى، والمعنى المُراد من المعنى"؛ لأنّ درويش كان يبتعد كلّ البعد عن إظهار المُفردات وإنما يميل إلى الرمز بشكل واضح، ومثال ذلك قوله في قصيدته  " العصافير تموت في الجليل":

نلتقي بعد عام

بعد عامين

وجيل

ورمت في آلة التصوير

عشرين حديقة

وعصافير الجليل

ومضت تبحث خلف البحر

عن معنى جديد للحديقة.

2.يمتاز شعره بالثورة والوطنية والقومية،

يغلُب على أشعار محمود درويش الطابع القوميّ والوطنيّ، فجزءٌ كبيرٌ من أشعاره يتحدث فيها عن فلسطين وعن أوجاعهِ وأوجاع أهلها، وهو الشاعر المعروف بأشعاره الوطنيّة والقوميّة الممزوجة بالحبّ والمُلازِمة له عند ذكر اسمه.

3.تنقّل شِعر محمود درويش في مراحل تدريجيّة حتّى وصل ذروته الأدبيّة، 

فكانت بدايته الشِّعريّة مصحوبة بالبساطة، سواء في المعاني أم الأفكار المحدودة، أم حتّى في تعبيره الفنيّ المُباشر الذي رافقه التّصوير الشعريّ التّقليديّ، ومن الجدير بالذِّكر أنّ درويشاً كان مُتأثرّاً بأشعار من قَبله، مثل شعر عمر بن أبي ربيعة، والمُتنبي في شِعر المُفاخرة، ثمّ انتقل إلى مرحلة ناضجة فنيّاً، إذ أصبحت أشعاره تميل إلى كونها أكثر رِقّة؛ وذلك إثرَ تأثُره بشُعراء الحركة الرّومانسيّة، مثل: علي محمود طه، وابراهيم ناجي، وغيرهما.

وفي آخر سنوات حياته كان لدرويش تحوّل آخر في شِعره، فَعَمد إلى الجمال الأخّاذ والمُبدع في شِعره، فكان للحُبّ حيز واضح في شِعره، إلّا أنّه استخدمه كمُفردة عامّة وشاملة فيه، بالإضافة إلى أنّه ربطه ربطاً وثيقاً بقضيّة وطنه، لذلك وَصَف الحُبّ بأنّه طريق محفوف بالشّوك مُشيراً بذلك إلى النّضال.

ما هي أسباب شهرة أشعار محمود درويش؟

تحظى أشعار محمود درويش بانتشار واسع لما زاره من مُختلف دول العالم، ولأنّ دواوينه ساهمت في إضافات عديدة للأدب العربيّ بشكل عامّ والأدب المُعاصر بشكل خاصّ فتلقت رواجاً كبيراً لدى فئات وأجيال مُختلفة، وكانت منهلاً للدّارسين في الأدب، وكلمات يُستطاب غناؤها لدى الفنانين.

وفاة الشاعر محمود درويش:

توفي الشاعر محمود درويش في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن، تكساس، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء في مستشفى "ميموريال هيرمان" نزع أجهزة الإنعاش بناءً على توصيته. 

وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحداد ثلاثة أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنًا على وفاة الشاعر الفلسطيني وقد دفن في 13 أغسطس في مدينة رام الله حيث خصصت له هناك قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي، وتم الإعلان أن القصر تمت تسميته "قصر محمود درويش للثقافة".

وقد شارك في جنازته آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وقد حضر أيضا أهله من أراضي 48 وشخصيات أخرى على رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.