الأكوان المتعددة
وردت فكرة وجود أكوان متعددة أو متوازية في الكثير من روايات وأفلام الخيال العلمي، لكنها حازت أيضًا على احترام الكثير من علماء الفيزياء والكونيات، ويرجع سبب ذلك إلى وجود الكثير من النظريات والفرضيات والنماذج الرياضية التي توصلت إلى إمكانية وجود أكوان متعددة، ومن المحتمل أن يكون لكل كون من هذه الأكوان قوانين فيزيائية خاصة به أيضًا، لكن المشكلة هي استحالة زيارة هذه الأكوان، وبالتالي عدم القدرة على التأكد من وجود هذه الأكوان أصلًا، وعلى أية حال، فإن موضوع الأكوان المتعددة يرتبط في أحيان كثيرة بمواضيع الثقوب السوداء والأبعاد الإضافية غير المرئية، كما غالبًا ما يضطر العلماء إلى الاستعانة بفيزياء الكم من أجل تفسير نشأة هذه الأكوان وطريقة ولادتها من العدم.
أسباب تدفعنا إلى الاعتقاد بوجود أكوان متعددة
توجد على الأقل ستة نظريات أو نماذج في الفيزياء تدفعنا إلى الاعتقاد بوجود أكوان متعددة، وهي:
- الأكوان اللانهائية: يعتقد معظم العلماء بأن شكل الزمان والمكان هو مسطح، وليس كروي، وهذا يعني منطقيًا بأنه يمتد إلى اللانهاية، لكن المشكلة هي أن الأجسام الذرية لها عدد محدود من التراتيب التي يُمكن لها أن تتخذها في الزمان والمكان، وهذا يعني أن هنالك أكوان منسوخة أو طبق الأصل عن الكون الحالي أو أكوان أخرى فيها نفس القوانين ونفس الأحداث لكن بفروقات بسيطة، وباختصار فإن هذا يعني أن هنالك نسخ أو عدد لانهائي من النسخ منك في أكوان أخرى بعيدة للغاية عنك.
- الأكوان الفقاعية: تنشأ الأكوان المتعددة أيضًا عن عملية فيزيائية تُدعى بالتضخم الأبدي، التي تقوم أساسًا على القول بأن الكون قد تضخم بسرعة عالية أثناء الانفجار العظيم بصورة شبيهة بانتفاخ البالون، وهنالك جيوب فضائية من الكون ما زالت تنفجر أو تتضخم إلى هذه اللحظة لتنتج أكوان جديدة، بينما جيوب أخرى توقفت عن الانفجار، وهذا يؤدي إلى نشوء أكوان جديدة شبيهة بالفقاعات، ومن المحتمل أن تمتلك هذه الأكوان قوانين أخرى مختلفة عن الكون الخاص بنا.
- الأكوان المتوازية: نشأت فكرة الأكوان المتوازية عن نظرية فيزيائية حديثة نسبيًا تُدعى بالنظرية الخيطية، التي تفترض وجود أبعاد أخرى أكثر من الثلاث أبعاد التي نتعامل معها في حياتنا اليومية، ومن المحتمل أن تترتب الأكوان المتوازية ضمن الأبعاد الإضافية وبطريقة شبيهة بترتيب طبقات رغيف الخبز المنتفخ، ولقد ذهبت هذه النظرية إلى حد تفسير حدوث الانفجار العظيم بالقول بأنه حدث نتيجة لتصادم الأكوان مع بعضها البعض.
- الأكوان المتوالدة: قامت نظرية الأكوان المتوالدة على حقيقة معروفة في فيزياء الكم، إلا وهي حقيقة أن تحرك الأجسام الكمومية يعتمد على الاحتمالات وليس على النتائج الأكيدة، وهذا يفتح المجال للقول بأن نتائج حركة الأجسام الكمومية تحدث جميعها في نفس الوقت، لكن في أكوان أخرى؛ فمثلًا، عندما تقف على مفترق طرق وتريد الذهاب إلى اليمين أو إلى اليسار، فإنك تعتقد بأن الكون هو واحد وأن ذهابك باتجاه اليمين يحدث في الكون نفسه، لكن حسب النظرية الكمومية، فإن من المحتمل أن يكون الكون قد توالد إلى كونان منفصلان عند هذه اللحظة، كون اخترت فيه الذهاب إلى الجهة اليمنى وكون آخر اخترت فيه الذهاب في الجهة اليُسرى، وهذا الأمر ينطبق على خيارات حياتية أخرى.
- أكوان الانتقاء الطبيعي الكوني: وضع أحد العلماء نظرية مثيرة للاهتمام حول إمكانية أن يكون للثقوب السوداء دورٌ في إحداث انتقاء طبيعي للأكوان، بحيث تحمل الثقوب السوداء أكوان أخرى في داخلها، وهذا يعني أن الثقوب السوداء هي انفجارات عظيمة في اكوان أخرى.
- الأكوان الرياضية: بما أن الكون هو في الأصل عبارة عن جسم رياضي أو يُمكن وصفه باستخدام الرياضيات، فإن ذلك يعني أن هنالك أكون أخرى قد تكون لديها بنية رياضية مختلفة تمامًا عن الكون الذي نعيش فيه، وقد يكون هنالك عدد عظيم جدًا من هذه الأكوان أيضًا، ولكل منها بنية رياضية مختلفة عن الأخرى.
نقض الأكوان المتعددة
على الرغم من كثرة النماذج والنظريات الفيزيائية التي تشير إلى وجود أكوان متعددة، إلا أن علماء آخرون يرفضون الفكرة تمامًا ويقول بأنها ليست جزءًا من العلم أصلًا، بل إن البعض منهم يلقي باللوم على العلماء الذين ساهموا في نشر الوعي بالأكوان المتعددة بين العامة ويتهمونهم بأنهم نشروا شيئًا ليس له علاقة بالعلم! كما أن البعض منهم قد حاول إعادة تعريف العلم والقواعد العلمية الراسخة بدلًا عن اثبات صدق تنبؤات الأكوان المتعددة!