السفر عبر الزمن

هل يُمكن السفر عبر الزمن؟ 

على الرغم من غرابة وربما استحالة هذا الأمر، إلا بعض الفيزيائيين يرون أن هنالك إمكانية واقعية في السفر عبر الزمن، وكثيرًا ما يستشهدون بحقيقة أن الإنسان يُسافر بالزمن أصلًا خلال انقضاء كل ثانية من عمره! وهذا بالطبع حقيقة ومسلمة صحيحة؛ فالإنسان ينتقل من الحاضر إلى المستقبل بهدوء وثبات ومع مرور الثواني والدقائق والأيام والأشهر، ولقد تطرق العلماء كذلك إلى الحقائق والنتائج الغريبة التي جلبتها النظرية النسبية لأينشتاين، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الزمن والحركة؛ فلقد نصت النظرية على أن التحرك المكاني بسرعة يؤدي إلى حدوث إبطاء في حركة الزمان، وهذا يظهر بوضوح عند تسارع الحركة إلى حد سرعة الضوء، ما يعني أن السفر عبر الزمن هو متاح من ناحية المبدأ لكنه بالطبع أمرٌ صعب المنال من الناحية العملية.

نظريات السفر عبر الزمن

يقتضي السفر عبر الزمن أن تصل سرعة المركبة الفضائية إلى حدود سرعة الضوء، وهذا أمرٌ من شبه المستحيل الوصول إليه، لذا حاول العلماء وضع نظريات أخرى لجعل السفر عبر الزمن أمرًا ممكنًا على الأقل من الناحية النظرية، ومن بين هذه النظريات:

  • الاستعانة بالثقوب الدودية: نشأت فكرة الثقوب الدودية عن معادلات اينشتاين النسبية أيضًا، وقد تحدثت ناسا كثيرًا عن إمكانية استخدام الثقوب الدودية لغرض السفر عبر الزمن، لكن المشكلة أن هذه الثقوب لو وجدت فعلًا، فإنها ستوجد لفترة قصيرة كثيرًا وستنهار سريعًا ولن تستطيع سوى الجزيئات الصغيرة أن تمر من خلالها، كما أن العلماء لم يتمكنوا إلى الآن من رؤية الثقوب الدودية في الكون ولا شك بأن التكنولوجيا القادرة على خلق هذه الثقوب هي تكنولوجيا متقدمة للغاية ولم توجد بعد.
  • الأسطوانة اللانهاية: وضع الفلكي الشهير فرانك تيبلر هذه النظرية التي تنص على جلب كمية من المادة تفوق كمية المادة الموجودة في الشمس بنحو 10 مرات، ثم القيام بلف هذه المادة على شكل أسطوانة طويلة وكثيفة كثيرًا، وعند البدء بدوران الأسطوانة لمليارات المرات في الدقيقة الواحدة، فإن المركبة الفضائية القريبة منها قد يُصبح متاحًا لها الدخول في منحنى زمني مغلق في حال اتبعت مسارًا لولبيًا دقيقًا حول الأسطوانة الضخمة، لكن على الأسطوانة أن تكون طويلة بصورة لانهاية حتى يتحقق هذا الأمر، وهذا بالطبع أمر صعب المنال.
  • الاستعانة بالثقوب السوداء: طرح العلماء إمكانية السفر عبر الزمن عبر الاستعانة بالثقوب السوداء؛ وذلك من خلال وضع مركبة فضائية بالقرب من مجال الثقب الأسود، وفي المناسبة فلقد تحدث العالم الشهير ستيفن هوكينج عن هذا الأمر وقال بأن طاقم المركبة الفضائية سيقطعون خمس سنوات اثناء دورانهم حول الثقب الأسود، لكن الزمن سيكون عشر سنوات في مكان آخر في الكون! لكن بالطبع لم يخفي هذا العالم حقيقة أن على المركبة السير بسرعة الضوء حتى يتحقق هذا الأمر.
  • الخيوط الكونية: يتحدث بعض الفيزيائيين عن وجود خيوط كونية ضخمة من الطاقة والتي تمتد على طول الكون، ويقولون بأن هذه الخطوط تبقت منذ أيام الكون الأولى ومن المفروض أن تحتوي على كتلة ضخمة للغاية، مما يجعلها قادرة على ثني الزمان والمكان حولها، وفي حال جرى تقريب اثنان من هذه الخيوط معًا فإن هذا قد يكون كافيًا لثني الزمان والمكان وجعل السفر عبر الزمن ممكنًا، نظريًا بالطبع.
  • آلات الزمن: لا شك أن السفر عبر الزمن سيحتاج إلى وجود آلة قادرة على ذلك، وهذا نظريًا يُمكن تحقيقه في حال توفر نوع من المادة التي تمتلك كثافة سلبية، وهذه المادة لم يكشفها العلم بعد ومن المستبعد أن تكون موجودة بكميات كبيرة أيضًا، وعلى العموم فإن بعض الأبحاث تتحدث عن إمكانية صناعة آلات زمنية دون الحاجة لهذه المادة، وذلك عبر الاستعانة بدلًا عن ذلك بمجالات الجاذبية المركزة لخلق انحناء في الزمكان.

قضايا وتناقضات السفر عبر الزمن

يحمل السفر عبر الزمن قضايا وتناقضات لا بد من التعامل معها وإيجاد حلول لها قبل التفكير أصلًا بالنظريات والآليات المناسبة للوصول إلى هذا الهدف؛ فهنالك مثلًا التناقض الموجود في مسألة قتل الأجداد، التي تحدث عندما يتمكن المسافرون عبر الزمن من قتل اجدادهم، وهنا السؤول كيف بقوا على قيد الحياة في حال قتل أجدادهم؟ كما أن السفر عبر الزمن يطرح قضايا أخرى تتعلق بالسبب والنتيجة، وهذا دفع بالكثيرين إلى القول بان السفر عبر الزمن إن كان حقيقة، فإنه لن يؤثر على الأحداث التي حدثت في الماضي، وفي النهاية فإن الكثيرين أيضًا يتساءلون: لو كان السفر عبر الزمن حقيقة وممكنًا في المستقبل، فأين هم المسافرون عبر الزمن الآن؟ أليس من المفترض أن نقابل بعضًا منهم الآن!؟