حسان بن ثابت -رضي الله عنه- هو شاعر مخضرم، قال الشعر في العصر الجاهلي وفي عصر صدر الإسلام، وسمي بشاعر الرسول-صلى الله عليه وسلم- ونعرض من قصائده ما يأتي:
قصيدة: حصان رزان ما تزن بريبة
حَصانٌ رَزانٌ ما تُزِنُّ بِريبَةٍ وَتُصبِحُ غَرثى مِن لُحومِ الغَوافِلِ
عَقيلَةُ حَيٍّ مِن لُؤَيِّ بنِ غالِبٍ كِرامِ المَساعي مَجدُهُم غَيرُ زائِلِ
مُهَذَّبَةٌ قَد طَيَّبَ اللَهُ خَيمَها وَطَهَّرَها مِن كُلِّ سورٍ وَباطِلِ
فَإِن كُنتُ قَد قُلتُ الَّذي قَد زَعَمتُمُ فَلا رَفَعَت صَوتي إِلَيَّ أَنامِلي
فَكَيفَ وَوِدّي ما حَيِيتُ وَنُصرَتي لِآلِ رَسولِ اللَهِ زَينِ المَحافِلِ
لَهُ رَتَبٍ عالٍ عَلى الناسِ كُلِّهِم تَقاصَرُ عَنهُ سَورَةَ المُتَطاوِلِ
فَإِنَّ الَذي قَد قيلَ لَيسَ بِلائِطٍ وَلَكِنَّهُ قَولُ اِمرِئٍ بِيَ ماحِلِ.
قصيدة: نصرنا رسول الله والدين عنوة
نَصَرنا رَسولَ اللَهِ وَالدينَ عَنوَةً عَلى رَغمِ عاتٍ مِن مَعَدٍّ وَحاضِرِ
بِضَربٍ كَإيزاغِ المَخاضِ مُشاشُهُ وَطَعنٍ كَأَفواهِ اللِقاحِ السَوادِرِ
وَسَل أُحُداً لَمّا اِستَقَلَّت شِعابُهُ بِضَربٍ لَنا مِثلَ اللِيوثِ الخَوادِرِ
أَلَسنا نَخوضُ الخَوضَ في حَومَةِ الوَغى إِذا طابَ وِردُ المَوتِ بَينَ العَساكِرِ
وَنَضرِبُ هامَ الدارِعينَ وَنَنتَمي إِلى حَسَبٍ مِن جِذمِ غَسّانَ قاهِرِ
وَلَولا حَياءُ اللَهِ قُلنا تَكَرُّماً عَلى الناسِ بِالخَيفَينِ هَل مِن مُنافِرِ
فَأَحياؤُنا مِن خَيرِ مَن وَطِئَ الثَرى وَأَمواتُنا مِن خَيرِ أَهلِ المَقابِرِ.
قصيدة: إن يأخذ الله من عينيّ نورهما
إِن يَأخُذِ اللَهُ مِن عَينَيَّ نورَهُما فَفي لِساني وَقَلبي مِنهُما نورُ
قَلبٌ ذَكِيٌّ وَعَقلٌ غَرُ ذي دَخَلٍ وَفي فَمي صارِمٌ كَالسَيفِ مَأثورُ.
قصيدة: لقد خاب قوم غاب عنهم نبيهم
لَقَد خابَ قَومٌ غابَ عَنهُم نَبِيُّهُم وَقَد سُرَّ مَن يَسري إِلَيهِم وَيَغتَدي
تَرَحَّلَ عَن قَومٍ فَضَلَّت عُقولُهُم وَحَلَّ عَلى قَومٍ بِنورٍ مُجَدَّدِ
هَداهُم بِهِ بَعدَ الضَلالَةِ رَبُّهُم وَأَرشَدَهُم مَن يَتبَعِ الحَقَّ يَرشُدُ
وَهَل يَستَوي ضُلّالُ قَومٍ تَسَفَّهوا عَمىً وَهُداةٌ يَهتَدونَ بِمُهتَدِ
لَقَد نَزَلَت مِنهُ عَلى أَهلِ يَثرِبٍ رِكابُ هُدىً حَلَّت عَلَيهِم بِأَسعَدِ
نَبِيٌّ يَرى ما لا يَرى الناسُ حَولَهُ وَيَتلو كِتابَ اللَهِ في كُلِّ مَشهَدِ
وَإِن قالَ في يَومٍ مَقالَةَ غائِبٍ فَتَصديقُهُ في اليَومِ أَو في ضُحى الغَدِ
لِيَهنِ أَبا بَكرٍ سَعادَةُ جَدِّهِ بِصُحبَتِهِ مَن يُسعِدِ اللَهُ يَسعَدِ
وَيَهنِ بَني كَعبٍ مَكانُ فَتاتِهِم وَمَقعَدُها لِلمُسلِمينَ بِمَرصَدِ.
قصيدة: ألا أبلغ أبا سفيان عني
أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي فَإِنَّ اللُؤمَ مَعدِنُهُ حَراكا
تُسامي عُصبَةً مِن فَرعِ فِهرٍ وَقَد أَعيَت مَساعيهِم أَباكا
ذُؤابَةُ هاشِمٍ وَالفَرعُ مِنهُم وَقَد قَصُرَت عَنِ العَليا يَداكا
أَلَسنا مَعشَراً نَصَروا وَآوَوا وَخَصَّهُمُ المَليكُ بِفَضلِ ذاكا
هُمُ صَدَقوا بِبَطنِ الشِعبِ ضَرباً وَطَعناً في نُحورِكُمُ دِراكا
رَسولُ اللَهِ وَالأَبطالُ مِنّا وَما تَحمي لَدى هَيجٍ حِماكا.
قصيدة: تفكرت في الدنيا وفيها مواعظ
تَفَكَّرتُ في الدُنيا وَفيها مَواعِظٌ تَروحُ وَتَسري في اللَيالي وَتَغتَدي
فَمَن يَأمَنِ الدَهرَ الفَتونَ فَإِنَّني بِرَأيِ الَّذي لا يَأمَنُ الدَهرَ مُقتَدي
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَنزَلَ نَصرَهُ عَلى عَبدِهِ خَيرِ العِبادِ مُحَمَّدِ
وَأَرسَلَهُ في الناسِ نوراً وَرَحمَةً فَمَن يَرضَ ما يَأتي مِنَ الأَمرِ يَهتَدِ.
قصيدة: أبوك أبوك وأنت ابنه
أَبوكَ أَبوكَ وَأَنتَ اِبنُهُ فَبِئسَ البُنَيُّ وَبِئسَ الأَب
وَأُمُّكَ سَوداءُ مَودونَةٌ كَأَنَّ أَنامِلَها الحُنظُب
يَبيتُ أَبوكَ بِها مُعرِساً كَما ساوَرَ الهُوَّةَ الثَعلَب
فَما مِنكَ أَعجَبُ يا اِبنِ اِستِها وَلَكِنَّني مِن أُلى أَعجَب
إِذا سَمِعوا الغَيَّ آدوا لَهُ تُيوسٌ تَنِبُّ إِذا تَضرِب
تَرى التَيسَ عِندَهُمُ كَالجَوادِ بَلِ التَيسُ وَسطَهُمُ أَنجَب
فَلا تَدعُهُم لِقِراعِ الكُماةِ وَنادِ إِلى سَوأَةٍ يَركَبوا.
قصيدة: قوم لئام أقل الله خيرهم
قَومٌ لِئامٌ أَقَلَّ اللَهُ خَيرَهُمُ كَما تَناثَرَ خَلفَ الراكِبِ البَعَرُ
كَأَنَّ ريحَهُمُ في الناسِ إِذ خَرَجوا ريحُ الحِشاشِ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ
قَد أَبرَزَ اللَهُ قَولاً فَوقَ قَولِهِمِ كَما النُجومُ تَعالى فَوقَها القَمَرُ.
قصيدة: الله أكرمنا بنصر نبيه
اللَهُ أَكرَمَنا بِنَصرِ نَبِيِّهِ وَبِنا أَقامَ دَعائِمَ الإِسلام
وَبِنا أَعَزَّ نَبِيَّهُ وَكِتابَهُ وَأَعَزَّنا بِالضَربِ وَالإِقدام
في كُلِّ مُعتَرَكٍ تُطيرُ سُيوفُنا فيهِ الجَماجِمَ عَن فِراخِ الهام
يَنتابُنا جِبريلُ في أَبياتِنا بِفَرائِضِ الإِسلامِ وَالأَحكام
يَتلو عَلَينا النورَ فيها مُحكَماً قِسماً لَعَمرُكَ لَيسَ كَالأَقسام
فَنَكونُ أَوَّلَ مُستَحِلِّ حَلالِهِ وَمُحَرِّمٍ لِلَّهِ كُلَّ حَرام
نَحنُ الخِيارُ مِنَ البَرِيَّةِ كُلِّها وَنظامُها وَزِمامُ كُلِّ زِمام
الخائِضو غَمَراتِ كُلِّ مَنِيَّةٍ وَالضامِنونَ حَوادِثَ الأَيّام
وَالمُبرِمونَ قُوى الأُمورِ بِعِزِّهِم وَالناقِضونَ مَرائِرَ الأَقوام
سائِل أَبا كَرِبٍ وَسائِل تُبَّعاً عَنّا وَأَهلَ العِترِ وَالأَزلام
وَاِسأَل ذَوي الأَلبابِ مِن سَرَواتِهِم يَومَ العُهَينِ فَحاجِرٍ فَرُؤام
إِنّا لَنَمنَعُ مَن أَرَدنا مَنعَهُ وَنَجودُ بِالمَعروفِ لِلمُعتام
وَتَرُدُّ عادِيَةَ الخَميسِ سُيوفُنا وَنُقيمُ رَأسَ الأَصيَدَ القَمقام
ما زالَ وَقعُ سُيوفِنا وَرِماحِنا في كُلِّ يَومِ تَجالُدٍ وَتَرام
حَتّى تَرَكنا الأَرضَ سَهلاً حَزنُها مَنظومَةً مِن خَيلِنا بِنِظام
وَنَجا أَراهِطُ أَبعَطوا وَلَوَ اِنَّهُم ثَبَتوا لَما رَجَعوا إِذاً بِسَلام
فَلَإِن فَخَرتُ بِهِم لَمِثلُ قَديمِهِم فَخَرَ اللَبيبُ بِهِ عَلى الأَقوامِ