الشعر الحر

الشعر الحر

الشعر الحر (التفعيلة)

الشعر الحر هو شعر ظهر في الثلاثينات من القرن الماضي، أي في العصر الحديث، وسمي شعرًا حرًا لأنه تحرر من وحدة القافية والروي والشكل، أما سبب تسميته بشعر التفعيلة أنه يعتمد على وجدة التفعيلة في جميع الأبيات الشعرية.

وله أسماء عديدة: كالشعر المرسل، والشعر الجديد، والنظم المرسل المنطلق.

ويتكون الشعر الحر فقط من صدر البيت، على عكس الشعر المقفى الذي يتكون من صدر وعجز، ويعد بدر شاكر السياب، ونازك الملائكة رواد الشعر الحر.

ويعد ثورة على الشعر القديم، وذلك لأن الشعر القديم أو الموزون هو شعر مقنن، أي له قوانين وأنظمة، ورأى الشعراء أن العصر تطور ويجب أن يتطور العشر أيضًا فلا يبقى محصورًا في إطار معين، وقد كتب الشعراء الكبار على نمط الشعر الحر، أمثال محمود درويش، كما ظهرت أيضًا القصيدة النثرية تبعًا لهذه الثورة.

خصائص الشعر الحر:

للشعر الحر خصائص عديدة، أهمها:

1. يتبع نظام التفعيلة، بحيث تتكرر التفعيلة في كل الأبيات الشعرية، ولا يشترط أن تكون عدد التفعيلات في البيت الواحد متساوية، فقد يكون البيت الأول يتكون من تفعيلتين، والبيت الثاني يتكون من خمس تفعيلات، ومثال على اختلاف عدد التفعيلات، قول بدر شاكر السياب:

            الريح تصرخ بي عراقْ

والموج يُعوِل بي: عراق، عراق، ليس سوى عراقْ

فعدد تفعيلات السطر الأول تختلف عن عدد تفعيلات السطر الثاني.

2. ليس له قافية ، فالشعر الحر لا يتبع قافية معينة يلتزم بها في كل الأبيات، ومن الأبيات التي تدل على ذلك قول محمود درويش:

        نلتقي بعد قليلْ

        :بعد عامٍ

        :بعد عامين

        :وجيلْ..

فنلاحظ أن السطر الأول قافيته مختلفة عن السطر الثاني.

3. لا يوجد فيه حرف روي، والروي هو الحرف الأخير من البيت.

4. يكثر فيه استخدام الرمز، فلا نكاد نجد قصيدة من قصائد الشعر الحر إلا واستخدم شاعرها الرمز، يقول محمود درويش:

    وطني حبل غسيلْ

    :لمناديل الدم المسفوكْ

5. يكثر فيه السجْع، فيغلب على الأبيات الشعرية السجع، ويكون فيها تناغم موسيقي وإن لم تتسم بالقافية الموحدة.

ومثال ذلك قول نازك الملائكة:

صَرخَاتٌ تعلو تضطربُ

 حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ

6. يتسم بكثافة المعنى، فالشعر الحر يمتاز بتكثيف المعنى ليتناسب ذلك مع الرمز فيه.

7. وحدة الموضوع وتماسك القصيدة أهم من القافية في الشعر الحر، وذلك لأن اتباع قافية معينة قد تحد من إبداع الشعراء.

8. كثرة التصوير، حيث إن الصور الفنية لها أهمية كبيرة في الشعر الحر.

9. صحيح أن الشعر الحر لا يتبع قافية معينة، لكنه مع ذلك له وزن، وهذا الوزن يتجلى في وحدة التفعيلة في كامل القصيدة.

10. يمتاز الشعر الحر بالبساطة في الألفاظ وسهولتها، على عكس القصائد الموزونة التي تتسم بالألفاظ الجزلة.

11. التدوير، حيث إن الكاتب يستطيع أن يستخدم نصف تفعيلة في السطر، ويستخدم باقي التفعيلة في السطر الذي يليه.

مثال على قصيدة في الشعر الحر:

قصيدة أنا، للشاعرة نازك الملائكة:

اللَّيلُ يسألُ من أنا

أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ

أنا صمتُهُ المُتمرِّدُ

قنّعتُ كنهي بالسكونْ

ولفقتُ قلبي بالظنونْ

وبقيتُ ساهمةً هنا

أرنو وتسألني القرونْ

أنا من أكُون؟

والريحُ تسأل من أنا

أنا روحُها الحيران أنكرني الزمانْ

أنا مثلها في لا مكان

نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ

نبقى نمرُّ ولا بقاءْ

فإذا بلغنا المُنْحَنى

خِلناهُ خاتمةَ الشقاءْ

فإِذا فضاءْ!

والدَّهرُ يسألُ من أنا

أنا مثلهُ جبّارةٌ أطوي عُصورْ

وأعودُ أمنحُها النشورْ

أنا أخْلقُ الماضي البعيدْ

من فتنةِ الأمل الرغيدْ

وأعودُ أدفنُهُ أنا

لأصوغَ لي أمسًا جديدْ

غَدُهُ جليد

والذَّاتُ تسألُ من أنا

أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في ظلام

لا شيءَ يمنحُني السلامْ

أبقى أسائلُ والجوابْ

سيظَل يحجُبُه سراب

وأظلّ أحسبُهُ دنا

فإذا وصلتُ إليه ذابْ

وخبا وغابْ