قال عبد الغني النابلسي:
يا قليل الصبر والجلدِ ||| خلق الإنسان في كبدِ
فالتفت فالظل أنت له ||| وتواجد في الهوى تجد
كل من في الكون مشتغل ||| بالإله الواحد الصمد
لكن الجهال عنه به ||| في اشتغالات إلى الأبد
واشتغال العارفين به ||| فيه لم يلووا على أحد
والذي يبدو لأعينهم ||| كله أوصافه فقد.
قال الشاعر اللواح:
أحسن عزاك فخير الصبر في الجزع ||| إِذا جرى الصبر مجرى الصبر في الجزع
إياك تحزن فالمحزون يرفل في ||| ثوب من الذل منشوراً على الهلع
وفوض الأمر للباري بعضك بما ||| فوضت أجراً وأجر الموت والوجع
فما لحي دوام لو بقي زمناً ||| بمثل ما قد نعى عند البغاة نعي
فإن مثلك لم يحزن على أحد ||| لكن عليك فلا تأمن من الصرع
واحذر مفاجأة للموت غائلة ||| واحذر مقامك بين الهول والفزع
فالموت قنطرة والكل عابرها ||| والفرق ما بين أهل الجهل والورع
إن السعيد الذي يلقى المصائب في ||| جيش من الصبر شهم القلب مجتمع
يا أحمد يا وحيد الدهر كن جبلا ||| على الحوادث صلدا غير منصدع
فما ضجيعك بدعا في الفراق ولا ||| هذا التفرق معدوداً من البدع
هون عليك فهذي حرة نزلت ||| بمنزل في جوار اللَه ممتنع
في صرة من صفايا الحور تخدمها ||| ومن ملائكة الرحمن في جمع
حتى تعانقها في السرمدي غدا ||| في راس قصر من الفردوس مرتفع.
قال حسن اليمني:
صدقْتَ الصَّبرُ أجملُ يا فلانُ ||| فهَلْ لي من لواحظِه أَمانُ
نَصحتَ ولم تَزل خِلاًّ شفيقاً ||| فمنْ لي لَوْ وَعَتْ مِنّي الأذان
عرفتك بالوفاءِ فكُنْ مُعيني ||| على وجدي فمثلي مَنْ يُعانُ
وفي كِلَلِ الأحبّةِ والحنايا ||| فؤادٌ بانَ عنّي يَوم بانوا
تملّكَهُ كَحيلُ الطرفِ أَلْمى ||| عَنتْ لجمالِه الغيدُ الحسانُ
يُقاتِلُ باللحاظِ ولا سهامٌ ||| ويَطْعنُ بالقوام ولا سنانُ
لِساحر طرفِه غَزَلٌ وفتكٌ ||| بنا وكذا يكون الافتنانُ.
قال علي بن أبي طالب:
تَرَدَّ رِداءَ الصَبرِ عِندَ النَوائِبِ ||| تَنَل مِن جَميلِ الصَبرِ حُسنَ العَواقِبِ
وَكُن صاحِباً لِلحِلمِ في كُلِّ مَشهَدٍ ||| فَما الحِلمُ إِلّا خَيرُ خِدنٍ وَصاحِبِ
وَكُن حافِظاً عَهدَ الصَديقِ وَراعِياً ||| تَذُق مِن كَمالِ الحِفظِ صَفوَ المَشارِبِ
وَكُن شاكِراً لِلّهِ في كُلِّ نِعمَةٍ ||| يَثِبكَ عَلى النُعمى جَزيلَ المَواهِبِ
وَما المَرءُ إِلّا حَيثُ يَجعَلُ نَفسَهُ ||| فَكُن طالِباً في الناسِ أَعلى المَراتِبِ
وَكُن طالِباً لِلرِزقِ مِن بابِ حِلَّةٍ ||| يُضاعَف عَلَيكَ الرِزقُ مِن كُلِّ جانِبِ
وَصُن مِنكَ ماءَ الوَجهِ لا تَبذُلَنَّهُ ||| وَلا تَسألِ الأَرذالَ فَضلَ الرَغائِبِ
وَكُن مُوجِباً حَقَّ الصَديقِ إِذا أَتى ||| إِلَيكَ بِبرٍ صادِقٍ مِنكَ واجِبِ
وُكُن حافِظاً لِلوالِدَينِ وَناصِراً ||| لِجارِكَ ذي التَقوى وَأَهلِ التَقارُبِ.