فن الخاطرة

تعد الخاطرة أحد الفنون التي تقع في باب الفنون النثرية، فهي ليست فنًا شعريًا، والخاطرة فن ظهر في العصر الحديث، فلم يكن معروفًا من قبل، وهو الفن الوحيد من الفنون النثرية التي لا ينبغي على كاتبها أن يتبع أية شروط أثناء كتابتها، فيكتب كما شاء، في الموضوع الذي يشاء، بالأسلوب الذي يشاء.

وكلمة (الخاطرة) مأخوذة من خطر أي الفكرة التي تخطر على البال، فيقوم كاتبها بكتابة ما شعر وما خطر على باله في هذه اللحظة، ويمكن اعتبارها كنوع من التوثيق للمشاعر في لحظة معينة.

السمات الفنية للخاطرة

  • الصدق في كتابتها، من أهم السمات التي الفنية للخاطرة، هو الصدق في المشاعر وعدم التزييف.
  • الإكثار من استخدام التشبيهات، فالتشبيهات من أهم العناصر في الخاطرة، وذلك لان الخاطرة تعتمد بشكل كبير على الإبداع في استخدام اللغة.
  • اسخدام السجع والطباق ومختلف فنون البديع.
  • عدم الحاجة لوجود استشهادات من القرآن أو حديث أو شعر.
  • عدم الحاجة إلى التوثيق، وذلك لأن التوثيق يكون للنصوص التي تحتوي على معلومات علمية، أما الخاطرة فهي في مكونها الرئيسي تحتوي على مشاعر وأفكار.
  • لا يهم وجود الترابط فيها من عدمه، وذلك لأن الكاتب قد يكون في مرحلة من التناقض أو اختلاط الأفكار والمشاعر لحظة كتابتها.
  • تخلو الخاطرة في كثير من الأحيان من العنوان.

نصائح لكتابة الخاطرة

ينبغي اتباع عدة نصائح أثناء كتابة الخاطرة، ومن هذه النصائح ما يأتي:

  • اتبع قلبك، ينبغي على الشخص الذي يكتب الخاطرة أن يتبع قلبه وشعوره، فعندما يخطر على بالنا شيء، أو نشعر بحاجة ملحة في الكتابة عن خاطرة او ومضة سريعة يجب علينا ان نكتبها كما نشعر بها حقًا، دون تزييف او نقصان.
  • عندما تشعر بأي شيء لا تتأخر بكتابته، لأن التأخر بكتابة ما تشعر به سيجعل من النص نصًا مبتذلاً غير حقيقي، أما الكتابة في نفس اللحظة فيسكون اكثر صدقًا، وأكثر جمالًا.
  • احرص على أن تكون قارئًا بما فيه الكفاية عن الخاطرة وما هي سماتها الفنية، حتى تحصل على النص الذي تريده.

نموذج لخاطرة

قرأتُ كتابات كثيرة، وتقلبت في لياليّ بين دفات الكتب أبحث عن وريقات تشيد بشعوري، واقتلعت كل سطر يعبر عني وأفرغته في مذكرتي، صببتُ جزءا من شعوري على آخر صفحة من الكتاب، بتُّ أتنقل بخطواتي بين كل حبر خُطت به كلمة، أو يد كتبت به صفحة، لكني لم أجد ما يعبر عما في قلبي، بالرغم من التشابه الضخم بين السطور وحالتي، إلا أن دموعي التي روت هذه الصفحات والسطور كان بها ألم مختلف!!!

أتعلم ما المؤلم يا صاحِ؟

أن تنام والدموع على قلبك، والجروح على وتينك، وحين تستيقظ لترى إذا جفت هذه الدموع، فتجدها قد انطلقت من قلبك وعادت إلى قلبك، تدور وتدور وتعود إلى نفس النقطة، وأنت لازلت تبحث عن كلمة بين سطور الكتاب تضمك، أو اقتباس يحتويك، فلا تجد إلا الدموع مرة أخرى.

وما هذا بالألم الأعظم، وما هذا بالشعور الفتاك الأكبر، إنها مجرد نزوة دموع خرجت لأنها تعبت من قلبك، وباتت تشكي للرائح والجائي منك، وتلوح بقلة صبر منك..

لكن أتعلم، كل هذا معتاد عليه، الكل يمر به، الصغير تأذى والكبير جرح، كل هذا قد يبدو طبيعيا إلى حد ما، لكن أتعلم ما الذي يبدو غير طبيعي؟

أن تدون آهاتك وكأنك تنقل ما في قلبك، وتصب دموعك وكأنك تعبر عما في داخلك، لكن قلبك يكاد ينفجر من فرط الشعور الذي لا يتوقف، وشرايينك تصرخ من الألم، ومن حولك!

هم أشدهم عداوة لقلبك..

ما بالهم من حولك يظنون أنك تبالغ؟

ويظنونك تكتب ليشفقوا عليك؟

ما بالهم يظنون أنك تضع دراما ليصبح كلامك فلم سنيمائي يحضره الجميع؟

وأنت في الحقيقة لم تقل شيئا بعد عما في قلبك!

كيف لو كان باستطاعة قلمك أن يدون كل ما في قلبك؟

ستصل إلى حد النفاق بنظرهم؟

أم ستخفي الألم عن قلمك حتى تسكت ألسنتهم؟

أتعلم يا صاح؟

أنا لم تحل بي فاجعة، ولم يمت لي حبيب، ولكن قلبي دخل في غيبوبة..

وهذه والله أكبر فاجعة لمن يشعر..