هو عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، ولد سنة 159 هـ، ولقب بالجاحظ لجحوظ عينيه، وربما قيل له الحدقي لكبر حدقتيه. وكني بأبي عثمان. كان الجاحظ مشوه الوجه، جهما، جاحظ العينين، قصير القامة، لا تنفتح العين على أبشع منه منظرا. وكان إلى ذلك خفيف الروح، حسن المعاشرة، ظريف الحديث، طيب النكتة، مطبوعا عى السخر والتهكم، وليس سخره بالجارح الحاد، وإنما هو لطيف ناعم، مصور لنفسه المرحة التواقة إلى الدعابة. ولطالما التمس الجاحظ النكتة وأوردها ولو كانت على نفسه. وقد كان شديد الذكاء حسن الفراسة، محبا للتكسب، ولا يعتد بما يأخذ به الناس أنفسهم وينتحلونه من الرسوم والعادات، وأنواع العصبية المذهبية، فقد دافع عن العرب، ورد على الشعوبية في كتابه البيان والتبيين، ولكنه لم يبخس الأعاجم حقهم في كثير من كتبه، وقد يتخذ من ذلك سبيلا للتكسب، فإنه قدم البيان والتبيين إلى القاضي أحمد بن أبي دؤاد وهو عربي صريح، فتقرب إليه وتكسب منه بدفاعه عن العرب. وقدم كتابه في مناقب الأتراك إلى الفتح بن خاقان وهو تركي الأصل فحظي به عنده، وكان يحب اللهو والمجانة وسماع القيان والمغنين، وتطيب له معاشرة الإماء والجواري؛ فاستمتع بهن، ولم يتزوج، ولم يرزق ولدا. وإذا كان الجاحظ من علماء الكلام ومن شيوخ الاعتزال، وصاحب الفرقة الجاحظية، وأمير من أمراء البيان، لا نعجب من أن نرى له حسادا يبالغون في انتقاده، ويتهمونه بالزندقة.
للجاحظ كتب عديدة أشهرها البيان والتبيين، وكتاب الحيوان، وكتاب البخلاء، وكتاب المحاسن والأضداد، وكتاب البرصان والعرجان، وكتاب التاج في أخلاق الملوك، وكتاب الآمل والمأمول، وكتاب الرسائل، وقد كان أبو محمد عبد الله بن حمود الزبيدي الأندلسي يقول:" رضيت في الجنة بكتب الجاحظ عوضا عن نعيمها" وهذا يدل على شدة إعجابه بكتبه.
هو صاحب المدرسة الجاحظية، وهي إحدى المدارس التي اشتهرت في العصر العباسي، وقد تميزت هذه المدرسة بما يأتي:
أصيب الجاحظ في آخر حياته بالفالج، فاعتزل الناس، وبقي في فراشه حتى توفاه الله، سنة 255 هـ.