ألف ليلة وليلة

ألف ليلة وليلة

تساوى النثر في العصر العباسي مع الشعر، فتنوعت أساليبه، وتعددت أنواعه، فكان منها الرسائل بنوعيها: الإخوانية والديوانية، وكان منها المقامة، والخطابة الحفلية والوعظية، والحكم والأمثال، حتى إن البعض قال بأن النثر تطور وتقدم على الشعر بمراحل في هذا العصر. 

وإن من الفنون النثرية في العصر العباسي التي لم يولها العرب اهتماما، حتى إنها كادت تندثر مع الزمن، هي " ألف ليلة وليلة". 

وألف ليلة وليلة:

  هي فن نثري على شكلٍ قصصي، جمعت على مدى قرون، وكان أساسها عهد الخلافة، وهي قصص شعبية رواها الناس والتجار ورويت في مجالس السمار، وتحتوي ألف ليلة وليلة على قصة الإطار، وهي القصة الأساسية التي بنيت عليها أحداث القصص الداخلية. 

فما هي القصة الإطار؟ 

هي القصة الشهيرة التي حدثت بين الملك "شهريار" وزوجته "شهرزاد" التي كانت الأساس الذي انطلقت منه باقي الحكايات، وتمتاز الحكايات داخلها بأنها مؤطرة أيضا، أي أن قصة داخلها تكون أساسا لقصة أخرى، فيكون هناك أكثر من إطار، ولنقل إنها حكايات متداخلة، لذلك الشخص الذي يريد قراءة هذه القصص عليه بالبداية وإلا فلن يفهمها. 

سبب تسمية ألف ليلة وليلة بهذا الاسم: 

إن سبب تسمية ألف ليلة وليلة بهذا الاسم، أن شهريار كان يتزوج من النساء ليلا، وفي الصباح يقوم بقتلها، ثم تزوج من شهرزاد فأخذت تقص عليه كل ليلة قصة فإذا جاء الصباح سكتت عن الكلام، ثم تكمل القصة في الليلة التي تليها.

وسبب تسميتها بألف ليلة وليلة، وليس ألف ليلة فقط، هو الاستمرار في قص الحكايات، وأن عقل المرأة يعمل في الليل، وقوتها تكون في الليل، فتستمر قوتها إلى أن يأتي الصباح فتسكت عن الكلام، لأن في الصباح تكون القوة للرجل بجسده وعمله وقوته البدنية، فالليل للنساء والنهار للرجال.

وكثر في العصر العباسي استحقار النساء، وعادت بعض العادات الجاهلية لهم، كما في قصة شهريار، فقد تحكم بحياة النساء وقام بقتلهن، ولكي تبين قوة النساء ومكانتهن، كان لا بد من استعمال العقل لضعف جسدهن وقوتهن البدنية، فذكاء شهرزاد أنقذها وأنقذ جميع النساء من بعدها.

وكان من ذكاء شهرزاد أنها لا تنهي الحكاية إلا وبدأت في حكاية جديدة، وكانت كل حكاية تمد من عمرها يوما، ومن عمر النساء يوما، لأن وجودها يعني عدم الزواج من أخرى وقتلها.

واعتبر بعض النقاد أن الرمز قد تجلى واضحا في هذه الحكايات، فالليل يرمز إلى العقل مثلا، والأسطورة ترمز إلى شيء ما وهكذا.

والعجيب والغريب أن هذه القصص لم تشتهر الا بعد أن ترجمت إلى الأدب الغربي، وذلك لتوافق العقل الغربي مع الأساطير التي رويت مع هذه القصص.

وتنوعت القصص فيها، فمنها ما هو تاريخي، ومنها ما هو كوميدي، ومنها ما هو أسطوري، وهناك قصص جنسية، وقصص عن الجن والقردة وغيرها الكثير.

وقد احتوت على ألف ليلة وليلة 1001، وهذا لا يعني أن القصص التي رويت فيها كان عددها 1001، فربما تروى القصة الواحدة في ليلتين أو أكثر، وقد احتوت ما يقارب ال 568 قصة، وأشهرها رحلات السندباد البحري، وعلاء الدين والمصباح السحري، وعلي بابا والأربعون لصا.

وقد كانت القضية الرئيسية التي عالجتها ألف ليلة وليلة هي القضية الاجتماعية، فقد تناولت المواضيع الاجتماعية من مختلف نواحيها، فتناولت العقل، والأسطورة، والنساء، والكوميديا، وجميع مناحي الحياة.

ويمكن اعتبار أن هذا السبب الرئيسي التي جعلها خالدة إلى يومنا هذا، فقراءتها تتناول حياتنا الاجتماعية وتعبر عن بعض جوانبها، فنجد أنفسنا فيها، على اختلاف حياتنا، واختلاف ظروفنا.