إن الفرد لا يتكاملًا نفسيًا إلا بالعيس مع الآخرين، فهذا الإطار الاجتماعي الذي يكون محيط بالفرد، يجعل للفرد أهدافًا، وهذه الأهداف لا تخصه وحده بل تخص المجتمع ككل، وهذا ما يساعده على الاستمرار في الحياة والعمل على التطور وإفادة المجتمع، وحتى لا نعيش في عالم من الفوضى يحكم هذا المجتمع مجموعة من القوانين التي تحفظ حقوق الآخرين وتساهم في الحفاظ على الأمن والمودة بين الأفراد، إلا أن بعض الأشخاص يميلون إلا أن يعادوا هذا المجتمع وهم لديهم شخصيات تسمى بالشخصية المعادية للمجتمع.
إن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مكون من عدة اضطرابات في الشخصية ومن اضطرابات سلوكية أيضًا، ويسمى أيضًا باضطراب الشخصية المضادة للمجتمع واضطراب الشخصية اللاجتماعية، أو الاعتلال النفسي أو الشخصية السيكوباثية أي الاعتلال النفسي، وكل هذه الأسماء تعكس جوانب التعقيد في هذه الشخصية، فهي من أكثر الشخصيات تعقيدًا وصعوبة ويصعب التعرف عليها والتعامل معها، وتتسم هذه الشخصية بأنها تتلذ بإلحاق الأذى بالآخرين وقادرة على التلاعب بأفكارهم وتأثير بهم، وقد يمارسون أعمالًا قد تؤدي في نهاية المطاف بهم إلى السجن، فإن الشخص السيكوباثي يميل إلى إلحاق الضرر بممتلكات الآخرين بقصد المضايقة والإزعاج، وهم في هذه الأفعال يتجاهلون رغبات ومشاعر الآخرين، ويلجأون في كثير من الأحيان إلى الخداع خاصة إذا كان زوج أو زوجة، فهم لا يتصرفون بعنف فقط مع الأشخاص الغرباء بل حتى المقربين منهم، ولا تكون تصرفاتهم المعادية للمجتمع فقط في إلحاق الضرر بالآخرين بل في تصرفات أخرى مثل القيادة المتهورة، فيتميزون بأنهم عديموا المسؤولية وغير قادرين على الاعتناء في الآخرين.
إن دليل التشخيص الإحصائي الرابع للاضطرابات العقلية الذي يعود للجمعية الأمركية للأطباء النفسيين حدد صفات موجود في الأشخاص المضطربين، وعلى أساس هذه الصفات يشخص الفرد بأنه مصاب باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، وهي كالآتي:
إن شخصية الفرد مزيج بين أفكاره ومشاعره وسلوكياته، والسبب وراء الشخصية المعادية للمجتمع لا يوال غير معروف على وجه التأكيد ولكن من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة هي عوامل وراثية وإصابات خارجية في الدماغ قد تؤدي إلى خلل تجعل من الشخص معاديًا للمجتمع، وأيضًا عوامل أسرية كالتربية الخاطئة أو العيش مع أسرة غير مستقرة تتسم بالعنف والفوضى.
يعتبر اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع من أصعب الاضطرابات الشخصية في العلاج، فإن الفرد لا يشعر بالندم على كل ما يفعله لذا لا يشعر بأنه بحاجة لأي علاج، ولا يوجد علاج في الأدوية لهذا المرض فلم تتفق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أي علاج، ولكن يبقى العلاج النفسي هو الأهم لمرضى هذا الاضطراب فيمكن معالجتهم عن طريق أخصائي نفسي أو طبيب نفسي من خلال جلسات علاجية قد تستمر طويلًا.