سنتحدث في مقالنا اليوم عن واحدة من اعظم المعجزات الحقيقية للقدرات الغير محدودة للإنسان، عن قصة تروي لنا أن الاعاقة الحقيقية تكمن في اليأس والكسل، في الحدود الوهمية التي نضعها أمامنا لأننا أذعننا لمن هم قبلنا من البشر بأن لقدرات الانسان حدود وبأننا خلقنا لنكون أشخاصا عاديين، الا ان بطلة قصتنا تكسر ببرهان نجاحها وكفاحها كل هذه الاقاويل الضعيفة، بطلة اليوم هي الأمريكية : هيلين كلير.
من هي هيلين كيلر؟
هي كاتبة وناشطة أميريكية ولدت في الولايات المتحدة الأميريكية في السابع والعشرين من يونيو عام 1880 م، ولدت طفلة طبيعية بل تميزت عن غيرها من الاطفال بأن مشت قبل أن تتم عامها الاول واستطاعت نطق بعض الكلمات وهي في عمر الست شهور فقط. ولكن حين بلغت هيلين كيلر تسعة عشر شهرا تم تشخصيها بمرض خطير وهو التهاب في الرأس واحتار الاطباء بين التشخيص الدقيق بين أمراض ثلاثة وهي الحمى القرمزية والحصبة الالمانية والتهاب السحايا وكانت حالتها في خطر شديد الى انها قد شفيت رغم ذلك، لكن فرحة والديها لم تكتمل لأنهم اكتشفوا أن هيلين فقدت السمع والبصر..
طفولة هيلين.
رغم صعوبة ما تعرضت له هيلين الا انها كانت شخصية تتسم بالبهجة، وكونت صداقات مع المحاربين مثلها الذين يعانون فقدان في السمع والبصر، الا ان عنفوانها وحماسها جعلاها تدرك انها مختلفة عن الآخرين من غير أصدقائها الذين يشاركونها نفس المعاناة وبدأ ذلك يسبب لها نوبات من الغضب الشديد، ذلك ما جعل والداها يفكران جديا بارسالها الى أحد دور رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يهتمون بالحالة الفيزيائية والنفسية للطفل المريض وبعد الكثير من البحوث والتفكير والتواصل مع الآخرين وصلت العائلة الى معلمة تدعى "سليفان" والتي كانت العمود الأساس لبداية مرحلة جديدة ومثمرة في حياة هيلين الصغيرة.
طلبت المعلمة سليفان ان يتم تخصيص غرفة لدراسة هيلين وتعليمها ، وبالفعل بعد تجهيز الغرفة باشرت المعلمة تعليم هيلين الحروف باستخدام لغة الحروف البارزة ومن اليوم الأول استطاعت هيلين الربط بين الاشارة والموضوعات الا انه اخذ منها الكثير من الوقت ومن الجهد لمعرفة الفروقات الدقيقة في اللغة والفرق بين الاسماء والافعال، لكن ما أن بدأت تتوضح لها هذه الامور حتى استطاعت بعد ثلاثة أشهر من ذلك وبمساعدة طريقة برايل للكتابة ان تكتب اول رسالة الى صديق لها وبعد شهر من ذلك استطاعت الكتابة بقلم الرصاص ، ومن هنا بدأ اسم هيلين كيلر وقدرتها الفائقة تتكشف امام الناس عبر الصحف والمطبوعات.
هيلين في الجامعة .
التحقت هيلين بكلية رادكليف وذلك من 29 يونيو حتى 3 يوليو 1897، كانت هذه الجامعة حلمها منذ الطفولة ، حققت هذا الحلم بتأسيس ممتاز من معلمتها ومن رغبتها الفذة في المعرفة والتطور، لاقت هيلين اهتماما من اساتذتها الا انها عانت الكثير من الصعوبات في البداية لانها احتاجت الى اعداد قبل اللاتحاق بالصفوف الفعلية وكان عليها طباعة الكتب الدراسية بطريقة بريل، ورغم ذلك انهت جامعتها واخذت شهادة الليسانس بتقدير امتياز!
انجازات هيلين مؤلفاتها.
كان لهيلين كيلر ثمانية عشر مؤلفا من اشهرها كتاب سيرتها الذاتية "قصة حياتي "، وايضا كتاب العالم الذي اعيش فيه، الحب والسلام ، الخروج من الظلام وغيرها وترجمت مؤلفاتها الى أكثر من خمسين لغة، مثبتة بذلك أن لا عذر للانسان ولا حدود له مهما احتج أو ظن عكس ذلك.
كانت هيلين من اشهر الناشطين اتجاه حقوق العمال لا سيما الطبقة الفقيرة التي كانت معظمها من المكفوفين .
توفيت هيلين كيلر في عام 1968 عن عمر يناهز الثامنة والثمانين، مخلفة ورائها معجزة بشرية وقصة تروى لكل من يتحجج بالظروف ويبتكر الاعذار الواهنة ، توفيت محققة واحدة من اشهر مقولاتها " الحياة أما مغامرة جريئة ..أو لا شيء."