قبل التطرق للحديث عن الشعر الجاهلي، يجدر بنا الحديث بإيجاز عن العصر الجاهلي، وسبب تسميته بذلك، وامتداده التاريخي.
العصر الجاهلي: هو العصر الذي عاش فيه عرب ما قبل الإسلام، وهم العرب الذين عاشوا في شبه الجزيرة العربية وامتد تاريخهم إلى قبل مجيء عصر صدر الإسلام.
وقد يُخيل إلى البعض أن العرب في العصر الجاهلي كانوا جهلة في كل شيء، في السياسة، والاقتصاد، والحياة، وكل شيء، والحقيقة أن الجهل كان فقط في الدين، لأن الحياة قبل الإسلام وبعدها لم تختلف كثيرا، فاستمر العرب في رعي الأغنام وفي الزراعة والتجارة على النحو التي كانوا عليها في العصر الجاهلي.
ومن الدلائل على أن العرب لم يكونوا جهلة في جميع أمور حياتهم، ذكرهم للقصور في الشعر، فيقول الشاعر عنترة في معلقته:
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
فوقفتُ فيها ناقتي فكأنها فَدَن لأقضي حاجة المتلوم
فكلمة فَدَنٌ معناها القصر، ولا يمكن لشاعر أن يذكر شيئا لا يعرفه ولا يعرف عنه، وهذا دليل على وجود فن العمارة في العصر الجاهلي.
الشعر الجاهلي: هو الشعر الذي قاله العرب في ذلك العصر، وهو كلام موزون على أبحر الشعر المعروفة، وقد كان يأتي بالسليقة عندهم، وهو أقدم الشعر العربي وجذور الشعر تشكلت عنده.
وقد حظي الشعر الجاهلي بمكانة كبيرة، وهو السبيل الأول لدراسة اللغة والشعر، ففيه قوة الألفاظ، وجودة المعاني، وحسن النسق والتركيب، وفيه تتشكل عقليات الناس في ذلك العصر.
وقد اهتم العرب في العصر الجاهلي بالشعر اهتماما كبيرا، فكانت تقام الأسواق الشعرية كسوق عكاظ، وكان الشعر الذي ينال إعجابهم يعلقونه على جدران الكعبة، ولذلك سميت معلقات.
المعلقات قصائد طوال قائلها فحول الشعراء في العصر الجاهلي، ومن شدة إعجابهم بها قاموا بتعليقها على جدران الكعبة، وهي سبع معلقات، وقد قال بعضهم أنها عشر معلقات.
مطالع المعلقات العشر:
1.معلقة زهير بن أبي سلمى:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم.
2.معلقة امرئ القيس:
قفا نبكي لذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
3.معلقة عنترة:
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم.
4. الحارث بن حلزة:
آذنتنا ببينها أسماء رُبّ ثاوٍ يُمل منه الثواء
5.عمرو بن كلثوم:
ألا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا
6. طرفة بن العبد:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
7.معلقة لبيد بن ربيعة:
عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأكيد غولها فرجامها
8. معلقة النابغة الذبياني:
يا دار مية بالعلياء فالسند أقوت وطال عليها سالف الأمد
9.معلقة الأعشى:
ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل.
10. معلقة عبيد بن الأبرص:
أقفر من أهله ملحوب فالقطيبات فالذنوب
وأيضا من الشعر الذي انتشر في العصر العباسي هو شعر الحوليات، وهو الشعر الذي كان يقوله صاحبه ويمضي حولا كاملا أي عاما ينقحه ويعدله قبل أن يخرجه للناس كأمثال زهير بن أبي سلمى.
1.المقدمة الطللية، من عادة الشعراء في العصر العباسي أن يبدؤوا قصائدهم بالوقوف على الأطلال، والأطلال هي بقايا آثار ديار المحبوبة.
2.جزالة الألفاظ والعبارات، واستخدام الكلمات الصعبة التي تعبر عنهم وعن طبيعة عيشهم.
3.الإطالة، وقد كان من محاسن الشعر في العصر الجاهلي أن يطيل الكاتب في قصيدته.
4.الخيال، وذلك بسبب الطبيعة الصحراوية الجميلة.
5. الاستطراد، فيوصف الشعر الجاهلي بأنه مستطرد لتعدد موضوعاته، فأثناء حديث الشاعر عن موضوع معين، يدخل في موضوع آخر ثم يعود للموضوع السابق، وهذا هو الاستطراد.
6. استخدام المحسنات البديعية وغلبت التشبيه على القصيدة، وقد كان الشاعر الفحل هو الذي يجيد التشبيه والتصوير.